– مقدّمة
حالة التدمير الشامل للاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة طالت كافة القطاعات والمجالات بشتى أنواعها؛ إذ أدى العدوان، عبر الاعتداءات المكثّفة والمتتالية، إلى تدمير واسع النطاق، يصل إلى حد الشموليّة، للبنية التحتية العامة والاقتصادية والاجتماعيّة. بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد طال التدمير المُمنهج للاحتلال أثناء العدوان جميع الأنشطة الاقتصادية، ما أدّى إلى توقفها بشكل كامل، باستثناء الأنشطة الإغاثية والصحيّة التي تعمل بشكل جزئي. يضاف إلى ذلك، عزل قطاع غزة عن الضفة والعالم الخارجي منذ سنوات عديدة، وانتهاج سياسة التضييق على حركة السلع، الأمر الذي أثر على ارتفاع أسعار الشحن الداخلي والخارجي، وصعوبة إدخال المواد الخام اللازمة للصناعة، ما أدّى إلى تراجع الاقتصاد الفلسطينيّ بشكل كبير. ومع الأخذ في الحسبان أن الاقتصاد الفلسطيني لم يتعافَ من صدماته السابقة نتيجة الحروب والكورونا، فإن العدوان الأخير فاقم هذه الصدمات التي كان أشدها حدة هو صدمة وقف العمالة.
بينما لا يمكن إنكار تأثير الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية الاجتماعية على جميع شرائح المجتمع، كما هو مُلاحظ في جميع أنحاء العالم، فإن الأثر الأعظم يكون بشكل خاص على النساء والفئات المهمشة. لا تعتبر فلسطين استثناءً لهذه القاعدة؛ كانت النساء، كما الفئات المهمشة الأُخرى، إحدى الفئات الأكثر تأثراً بالجائحة، وذلك على شتى المستويات الاقتصادية والاجتماعيّة، بما في ذلك تراجع مشاركتهن في سوق العمل، وارتفاع معدلات البطالة لديهن في العام 2021. في السياق الحالي، إذ يتلاقى أثر العدوان على النساء بشكل استثنائي بوصفهن مجموعة ديموغرافية “هشّة،” بالتمييز المُركب الذي تتعرض له النساء، حيثُ ما زالت النساء يعانين من ضعف الفرص للمشاركة في سوق العمل ما ينعكس على نسب مشاركة منخفضة في سوق العمل، تُرافقها بطالة عاليّة لدى النساء اللواتي يُشاركن في سوق العمل.